"الحرب النفسية وتأثيرها الكبير على الدول والمجتمعات"


الحرب النفسية سلاح مكتوم يؤثر بشكل مباشر على العدوان والطرف المقابل. استخدام الحسابات الوهمية لنشر أخبار أو تعليقات يعد جزءًا كبيرًا من الحرب النفسية. إن كنت ساذجًا أو جاهلًا فقد لا تدرك هذه الأمور، مما يعزز فرصة نجاح الحرب النفسية التي تقف وراءها منظمات أو مجموعات لديها مخطط تسعى لتنفيذه..

سنشارك هذه الحالات معًا لتوضيح الفكرة بشكل مبسّط للعامة. الحرب النفسية تكلف الجهة الفاعلة موارد تقنية وفنية ومادية كثيرة، وليس بالضرورة أن تكون حربًا تقليدية؛ فقد تكون وسيلة لتشويه أو تلميع صورة شخصية أو حزب أو منظمة أو حتى فكرة..

من الصور التي لاحظناها زرع الفتنة والبغضاء بين أبناء الوطن الواحد، هي بين الغرب والشرق مثلاً تجد صفحات مجهولة المصدر تنشر منشورات مسمومة بشكل غير مباشر لدس السم في العسل وتشويه المنطقة الغربية، وتدعمها تعليقات بحسابات مجهولة. هنا تُزرع الفكرة في ذهنك بواسطة شخص واحد يملك آلاف التعليقات والحسابات والعكس صحيح..

بتأكيد، ألف تعليق على سبيل المثال بعد قراءة كل تعليق ستجد العامل المشترك بينهم هو اتفاقهم على المحتوى المنشور، والغرض الأساسي منه تشويه السمعة أو إلحاق الضرر بمنطقة أو قبيلة أو فرد. إذا كنت شخصًا عاديًا غير مطّلع على هذه الحرب الباردة العقل سيبدأ يتأثر تلقائيًا بمشاهدة عدد تعليقات ينصر فكرة معينة، فتتغير وجهة نظرك لتتوافق مع هذا القطيع..

ستقول لي ما دليلك؟ حقك. إن دُعيت إلى مسابقة بسيطة لحل مسائل رياضية وحضر معك عشرة أشخاص، وسمعتهم يتفقون على إجابة واحدة بنسبة 80%، عندما يحين دورك للإجابة ستكون إجابتك متطابقة مع إجاباتهم حتى لو كانت خاطئة مثلاً لو قالوا إن 1+1=3 قد تقول أنت 3 بدل الإجابة الصحيحة 2..

هذا مثال بسيط يوضح مدى تأثير هذه الحروب التي لا تُسفك فيها قطرة دم واحدة لكنها أشد أثرًا من القتل، لما فيها من فتنة بين أبناء الوطن أو المجموعة الواحدة بواسطة أطراف تسعى لتنفيذ مخططات تفسد المجتمعات. ومن هنا تنطلق فكرة الحرب النفسية بطرقها المختلفة..

قِس على هذا المثال فرق ووحدات الاحتـ..ـلال الإسـ..رائيـ.ـلي في هذه الاستراتيجية، فالحرب النفسية تُعد من أهم الوسائل التي تستخدمها هذه الوحدات الإرهـ.،ـابيـ.ـة التابعة للـ.ـكيـ.ـان الـ.ـصهـ.ـ،ـيوني، وكانت ولا تزال تُستخدم في الغزو على فلـ.ـسـ.ـطيــن المحتلـ.ـة وتعمل على ضرب الشعوب ببعضها..

الليبي مع المصري مع السعودي مع المغربي مع الجزائري إلى آخره، كل هذا بواسطة حسابات عربية مجهولة تقودها فرق الحرب النفسية التابعة للكيان، وللأسف الكثير يتأثر بهذه الحسابات كما شرحنا في مثال 1+1=3، لكن الشخص الذكي والمدرك يمكنه كشف هذه الحسابات بتدقيق وتحليل عقلاني بسيط..

هذه الفرق التابعة للـ.ـكيـ.ـان موجودة على جميع منصات التواصل الاجتماعي بحسب خصائص الشعوب ومدى استخدام كل منصة في الدولة. على سبيل المثال، في ليبيا تُستخدم فيسبوك بكثرة، لذلك تُحشد الكثير من الحسابات التي تضخ وتروّج لفكرة معينة، ناهيك عن الصفحات التي تُشترى فعليًا..

مع تناولنا للحرب النفسية يجب أن نسلّط الضوء على حرب نفسية تحدث الآن حول التوطين وموجة الغضب الدائرة على منصات التواصل الاجتماعي، خاصة فيسبوك. بعد المراقبة والتدقيق، نشطت حسابات مجهولة المصدر تقودها مجموعات ومنظمات متعددة — بعضها تابع للـ.ـكيـ.ـان نفسه ويستعمل حسابات فلسـ.ـطـ.ـينية لاستهداف الليبيين والعكس، وبعضها داخل الدولة نفسها وتُشغل صفحات تم شراؤها لهدف محدد، وصاحب هذه الصفحات قد يلهث خلف القليل من المال لتدمير شعب أو فكرة كاملة..

وبين هذا وذاك نجد أشخاصًا حقيقيين غُسلت أدمغتهم بفضل هذه الحسابات فأصبحوا يرددون أن 1+1=3. نعم عزيزي، هذه الحرب النفسية تنجح بزرع فكرة أو بإشعال الصراع بين الشعوب، محققة نجاحًا كبيرًا كما يظهر من متابعة المنشورات الأخيرة التي تسخر أو تسبّ فيها الليبي الفلسطيني والعكس. سيُخدع حكمك ولن تكتشف هذه الأمور إلا بالتدقيق والتحليل العقلاني..

في هذا المنشور الذي أنجزته الآن ستجد من يدخل في التعليقات ويقول إنه ضد التوطين رغم أنني لم أتطرّق إلى هذا الموضوع. سيشاهد تعليقك شخص آخر ويتهمني بنفس الفكرة. فهل هذا الشخص من الذين يجيبون عن 1+1=3، أم أنه يتبع حسابات يقودها شخص واحد ويريد إعادة توجيه المنشور بما يخدم أهدافه نعم كل شيء وأرد..

ولا ننسى أن الحكومات أيضًا تستخدم هذه الاستراتيجية، ويمكن ملاحظة ذلك حاليًا. لذا عزيزي القارئ، يجب عليك إحكام العقل وتفعيل اليقظة قبل أن تؤثر عليك منشورات أو تعليقات تروّج لفكرة أو تسبّ وتشتم دولة أخرى. إن ردّك كمندفع بالسب والشتم يجعلك جزءًا من المشكلة. التروي والتفكير الواعي هما منقذك الوحيد كفرد من هذا الوطن العظيم..

- محمود حسين 
- مدون تقني 

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال