استخدامك لأحدث إصدار من نظام التشغيل لا يعني أنك في أمان، سواء كنت تستخدم هاتفًا محمولًا أو جهاز حاسوب. نتحدث بشكل عام عن أنظمة التشغيل مثل Android أو iOS وأيضًا Windows والأنظمة الأخرى التي تُستخدم في الأجهزة الإلكترونية. كل هذه الأنظمة يمكن اختراقها..
تدفع هذه الشركات المليارات في تعزيز حماية أنظمتها، وفي المقابل، هناك من يدفع الكثير من الأموال لاختراق هذه الشركات وكشف نقاط الضعف لاستغلالها لمصالح شخصية أو سياسية محددة..
نتحدث عزيزي القارئ عن برمجيات صُنعت لاختراقك، برمجيات خبيثة، دقيقة وذكية، تقف خلفها دول عظمى تضخ الأموال في سبيل ذلك. وعندما نتحدث عن البرمجيات الخبيثة، يجب أن نذكر أسماءً شهيرة تخصصت في هذا المجال..
برمجية بيغاسوس (Pegasus)، برمجية FinFisher، برمجية Cellebrite، والعديد من البرمجيات الأخرى التي تعمل بطريقة مشابهة لتلك البرمجيات الخبيثة التي تم ذكرها. دعنا نناقش ونتوسع معًا في كيفية عمل هذه البرمجيات، وهل يمكنها فعلاً الوصول إلى أي جهاز حاسوب أو هاتف محمول حول العالم..
أغلب البرمجيات الخبيثة الشهيرة مثل Pegasus وCellebrite يتم إدارتها من إسرائيل من خلال عدة شركات متخصصة، مثل شركة NSO Group وشركة Cellebrite. معظم هذه الشركات متخصصة في مجال التكنولوجيا وتطوير البرمجيات وتحليل البيانات والتحقيق الجنائي الرقمي، وتركز بشكل مباشر على تطوير وصناعة البرمجيات الخبيثة لاستخدامها في أهداف سياسية..
برمجية بيغاسوس (Pegasus) تُعد من أشهر البرمجيات الخبيثة حول العالم. تم تطويرها بواسطة شركة NSO Group، وتتمتع بقدرات قوية جدًا تمكّن من التحكم الكامل في أجهزتك. تركز بيغاسوس على الهواتف المحمولة وتُعزز برمجيتها بطرق متعددة للتحكم بالهواتف..
تستغل بيغاسوس الثغرات الصفرية التي لا تعلم عنها الشركة المصنعة لنظام التشغيل، مثل Android وiOS. هذه الثغرات، المعروفة باسم Zero Day، تُستخدم في الهجوم على الأهداف بدون علم صاحب الهاتف أو حتى الشركة المصنعة..
يمكن لبرمجية بيغاسوس تنفيذ تحكم كامل في الهاتف، ونسخ ونقل بيانات مثل الرسائل والملاحظات. نحن نتحدث عن تحكم كامل، عزيزي. ومن خصائصها المثيرة أنها تتمكن من حذف نفسها وآثارها بعد إتمام الإجراءات التي صممت من أجلها على هاتف المستهدف..
تُستخدم برمجية بيغاسوس ضد شخصيات سياسية وصحفيين، لكن مجموعة NSO تسوّق لها على أنها أداة لخدمة جهات إنفاذ القانون ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. بالطبع، هذا غطاء قانوني تستخدمه NSO Group، رغم تورطها سابقًا في العديد من القضايا المتعلقة بالوصول غير المصرح به وجمع البيانات..
أما بالنسبة لـ برمجية FinFisher الشهيرة، فقد تم تطويرها بواسطة شركة Gamma Group الألمانية. تستهدف هذه البرمجية الهواتف والأجهزة الحاسوبية، ويمكنها تنفيذ العديد من الهجمات على معظم الأنظمة المتعارف عليها مثل Android وiOS وWindows..
تسير FinFisher على نهج بيغاسوس في استغلال الثغرات الصفرية التي لا يعلم عنها المستخدم أو حتى الشركة المصنعة لنظام التشغيل شيئًا. تقوم FinFisher بتنفيذ هجماتها بشكل هادئ، دون أن تُكتشف من قبل تطبيقات مكافحة الفيروسات أو البرامج الأمنية الشهيرة مثل Kaspersky وغيرها، فهي قادرة على تجاوز كل هذا..
يمكن لبرمجية FinFisher تسجيل شاشة الجهاز وتسجيل جميع مكالماتك، كما تقوم أيضًا بحفظ نقراتك على لوحة المفاتيح، مما يسمح لها بمعرفة كل ما تكتبه. ناهيك عن القدرة الكاملة على مراقبة البيانات الصادرة والواردة في شبكتك والمواقع التي تزورها أو زرتها مسبقًا..
نعلم جميعًا أن هذه الشركات تعمل تحت غطاء حكومي أو جهات ذات علاقة، وتتستر دومًا بأنها تُستخدم بشكل أساسي من قبل الحكومات ووكالات الاستخبارات لمكافحة الجريمة والإرهاب. ومع ذلك، فقد تورطت في العديد من الهجمات التي تمت بعكس ما يتم الترويج له والتستر خلفه..
ننتقل الآن للحديث عن Cellebrite، عزيزي. قلت "برمجيات" وليس "برمجية" Cellebrite لأنها بالفعل تقدم عدة أدوات قوية جدًا. لا تقتصر Cellebrite على أداة واحدة فقط، بل توفر عدة أدوات قد لا تكون تجسسية بشكل صريح كما في بيغاسوس وFinFisher..
تستخدم Cellebrite أدواتها لاستعادة كل شيء محذوف على الأجهزة الإلكترونية مثل الهواتف والحواسيب. تُستخدم هذه الأدوات بشكل كبير في استخراج وتحليل البيانات التي تم محوها، وغالبًا ما تُستخدم في التحقيقات الجنائية الرقمية التي تتطلب استكشافًا عميقًا لهواتف مجرمين أو إرهابيين..
من بين الأدوات التي توفرها Cellebrite هي Cellebrite UFED (Universal Forensic Extraction Device)، وهي أداة تُستخدم لاستخراج البيانات من الأجهزة الحاسوبية والهواتف المحمولة. تساعد هذه الأداة في الوصول إلى البيانات من أجهزة قد تكون مغلقة أو مشفرة..
كما توفر Cellebrite أداة Cellebrite Premium، التي تعمل بنفس سياق UFED ولكن بقدرات متقدمة جدًا، حيث تقوم بفك تشفير أجهزة وأنظمة حديثة مثل Android وiOS. هذا ما جعل Cellebrite تتمتع بسمعة واسعة لإنتاجها أدوات ذات قدرات عالية للوصول إلى البيانات حتى وإن كانت محمية بأحدث وسائل التشفير..
تستطيع Cellebrite أيضًا عبر أداة Cellebrite Cloud Analyzer الوصول إلى العديد من الخدمات السحابية مثل Google Drive ومنصات التواصل الاجتماعي مثل Facebook وTwitter وInstagram، بالإضافة إلى العديد من المنصات الأخرى. تروّج Cellebrite لهذه الأدوات على أنها متخصصة في الجانب القضائي والقانوني..
كل هذه البرمجيات والأدوات التي تم ذكرها ليست سوى قليل من كثير، عزيزي. لا تظن أن أي شخص يمكنه استخدام هذه الأدوات. هذه البرمجيات غالية جدًا، ولا تُستخدم من قِبل أفراد عاديين. تُمنح للجهات القضائية والقانونية فقط وبشروط معينة، ولا يعني ذلك أنها مصممة فقط لهذا الاستخدام. بالتأكيد، تُستخدم هذه الأدوات بشكل غير قانوني في أوقات معينة وبشكل خفي..
لذا لا تقل لي إن Android أكثر أمانًا، أو أن iPhone يتمتع بخصوصية أعلى، أو أن Windows أكثر حماية للمستخدم. كل هذه الأنظمة لديها أخطاء فادحة برمجية، بعضها يتم إصلاحه والبعض الآخر لا يزال يعمل حتى اللحظة دون علم أحد، سوى الجهات التي تعمل في الخفاء، تضخ المليارات وتتنافس فيما بينها للسيطرة على سيل من البيانات والمعلومات..
- محمود حسين
- مدون تقني
التسميات
مقالات تقنية