"كيف تُفكر التكنولوجيا بدلًا عنك؟"

سيأتي يوم لن نقول فيه إنهم يتجسسون علينا من خلال الهاتف، بل الهاتف وحده من يتجسس علينا." هذه الجملة قالها أحد الكُتّاب قديمًا، مما يوضح مدى خطورة التكنولوجيا في المستقبل. نحن الآن نعيش في الزمن الذي كان يقصده الكاتب صاحب هذه العبارة..

الكثيرون يتساءلون عن الموقف الذي يحدث عندما تظهر لهم إعلانات أو مقاطع فيديو حول أشياء لم يتحدثوا عنها لأحد، ولم يبحثوا عنها على أي منصة أو محرك بحث، بل كانت مجرد أفكار دارت في عقولهم الباطنة. فجأة، تجد "فيسبوك" أو "إنستغرام" يعرض لك إعلانات مطابقة تمامًا لما فكرت به دون البوح به..

الأمر مخيف حقًا. لكن إذا لجأنا للتفكير بالعقل والمنطق، يمكننا أن نفهم كيف يحدث ذلك. من المؤكد أن كل ما تكتبه على "ماسنجر"، "واتساب"، "فيسبوك"، أو محركات البحث مثل "جوجل"، وكل ما تشاهده على منصات الفيديو مثل "تيك توك" و"يوتيوب"، يتم تسجيله وتحليله..

يتم معالجة هذه البيانات لفهم سلوكك الشخصي، عقليتك، طريقة تفكيرك، اهتماماتك، وما تحبه أو تكرهه. نحن نتحدث هنا عن حقائق مثبتة وليس افتراضات. كل هذه البيانات تُجمع عنك كمستخدم، لأنك أنت السلعة. هذا النظام هو ما يسمح للشركات الكبرى مثل "فيسبوك"، "جوجل"، و"آبل" بتحقيق الأرباح ودفع تكاليف موظفيها..

كل هذا يحدث لتوجيه الإعلانات للشخص المناسب، المجتمع المناسب، والمنطقة المهتمة فعليًا بهذا الإعلان، مما يُحقق المنفعة للمنتِج والمستهلك على حد سواء. على سبيل المثال، "فيسبوك" يجني أموالًا من الإعلانات، وأنت تبيع بضاعتك أو خدماتك للمستهدفين بشكل دقيق..

هذا هو السياق العام الذي تعمل به معظم الشركات الكبرى. إنها تستفيد من بياناتك الشخصية لدراسة سلوكك، حتى تصل إلى معرفة دقيقة عنك لدرجة تفوق معرفتك بنفسك. التكنولوجيا أصبحت تعرفك أكثر مما تعرف نفسك، والدليل هو ظهور إعلانات عن أشياء فكرت بها فقط..

رغم ذلك، هناك أقوال غير مثبتة تشير إلى أن الأجهزة الإلكترونية والتطبيقات الرائجة قد تستخدم الميكروفون الخاص بهاتفك أو جهازك اللوحي لجمع معلومات عنك بدقة أكبر..

فكرة ظهور إعلانات مرتبطة بأفكارك ليست عشوائية، وإن بدت كذلك في بعض الأحيان. غالبًا ما يتم تحليل مشترياتك السابقة وسلوكك عبر الإنترنت للتنبؤ بما قد تفكر به في المستقبل. هذا التحليل يتم باستخدام خوارزميات متطورة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لفهم سلوكك واحتياجاتك بدقة..

الأمر معقد للغاية. لكنه لا يصل إلى حد "اختراق العقول". ما يحدث هو محاكاة لفهم العقل البشري، بناءً على الأنماط والبيانات التي توفرها بنفسك للشركات عبر أنشطتك الرقمية..

- محمود حسين 
- مدون تقني 

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال